الثلاثاء، 5 يونيو 2012

و اذكر في الكتاب إبراهيم

الآن اذ تصحو ، تجد عشر صفحات بما يشبه خطك . يسألك زميل عن حالك ، و تتذكر مكالمة تليفونية تحك – بلسان قديم - فيها عن كافكا و رواية القصر ، تتذكر ضحك صاحبك على الموبايل .. الآن يمكنني دعوته صديق !
بالتاكسي ، في عودتك المنهكة ، تشاكل السائق ( شيء جميل يا اسطى انك تشغل قرآن الصبح ) هل ادار محطة القرآن الكريم بدلا من الأغاني ليستيعذ منك ؟! تذكر الله ( ربنا موجود ) .. تجد نفسك فجأة على السرير و تسمع رنين جرس في رأسك فتقوم لتفتح باب الشقة ، تظنه جاء ليطمئن عليك او ليعتذر عن غفلته عنك .. سألته ( هتمشي امتى!! ) .. تتذكر كل شيء.
( انت ما ببتكلمش ليه يا اسطى ) تحكي للسائق عن الحياة في الصعيد ، و يشكو لك غلو الأسعار و طوابير البنزين ، تقتنع : حياة القاهرة أصعب .. يمر بك من على لجنة أمنية و تتظاهر بالنعاس و صاحبك في الخلف يطمئنك ضاحكا ( أنت كويس ) و لم يكمل : و هتفضل كويس !
أبدأ فاصلا في مديح القراءة و الوحدة و فضل الهدوء ، و الشمس تشرق و انتظر ان ينتهي كل شيء لأعرف .. حين أجد نهاية لا تسرني سأبدأ القلق .. دعوني و الخوف الآن !
تراه – و آخر-  طوال الليل يضحكان ، و في المنتصف من ضم يديه بين فخذيه يفقّر كالمعدِدات ، و صديق صامت يسند ذقنه على عكاز: يؤنبك بنظراته ،و رابع ضايقته حين ضغطت زر التفجير حول معصمه .
ترى كل شيء كفيلم ( تذكر كلماتك ) .. قط صغير تختبر به وعيك فتضحك .. ترى اسمك على لوحات السيارات .. و تفكر بسؤال المارين عن حقيقتك : هل ترونني فعلا ، هل انا موجود ؟!
كان كل شيء منطقيا اكثر مما يجب .. تفكر في اجابات الأسئلة قبل طرحها ( اللاوعي يلاعبني قليلا ) ، نعود من حيث بدأنا و اتعجب !! تخرج هواجسك القديمة ( نظريات المؤامرة – أمن الدولة لا يدُخل بالخطأ سوى مرة واحدة – الله الموجود – سورة مريم ستنهي شحن الموبايل – مسودات الأفكار – المحفظة الفارغة – قرحتك – اعوجاج فكك – فقد الأسنان المبكر – مثبطات ضربات القلب :
non-selective beta\alpha blocker و تزيد عليهم دوائك الاومبرازول – طعم المريمية  ) و لم تأت أشياء منسية ( والدي \ أميرة \ سارة \ طب الأسنان كمهنة )
يقولون هذيت كثيرا ، و طلبت أوراقا ، و جلست تقرأ ما تكتب ( مين اللي كنت بتتكلم عنهم \ انت ايه اللي حصلك بالضبط \ بلاش سجاير و لا قهوة معدتك مش هتستحمل ، كل جبنة حاف \ انت مش كده )
لست بهذه القداسة يا رفيق
أنا واحد من هؤلاء .. لن ينتهي العالم عليّ لكن لا يزال عندي بقايا من حنين ... يقول سائق التاكسي ( ياما عدى علينا ، انت مش أول واحد )
اذ تصحو ، تجد في جيبك نقودا و تتذكر و تمتن ، تقطع الصفحات المكتوبة بخطك ، تجهز حقيبة سفرك ، و تغادر