الأحد، 27 نوفمبر 2011

من قعر الحرملك

لا تسمح حالتي النفسية بتغير أي شيء من طقوسي اليومية المعتادة ، حتى بعد عودتي من القاهرة ، لا لم اعد من القاهرة ، لقد عدت من التحرير ، قضيت اربعة ايام بثلاث ليال ، نمت ليلتين بالميدان و قضيت أخرى بمنزل صديق و في اليوم الأخير سافرت ، عدت لأجد كل شيء كما تركته تماما ،عدت لأدخل  الحرملك من جديد ، البعض خلف المشربيات يملك بعض الشجاعة ليجلس و يشاهد ما بفعله الرجال و الأغلبية تسمع عنهم ثم ينهرونهم على جلوسهم و ترك دعتهم و انشغالهم بذاك السخف !!  دخلت عليهم كما خرجت تماما ، بنفس ملابسي التي غادرت بها و حقيبة الملابس التي اعدتها لي أمي بنفسها ، لم أقربها ، اخلصت منها فور الوصول و انطلقت لمبتغاى ، أحمل فقط حقيبة بلاستيكية معتادة أعود بها في كل رحلاتي للقاهرة لم تعد تثير الانتباه ، سألتني أمي : انت ماغيرتش هدومك خالص ؟ لم أجيب ، سألني والدى عن زملائي و تفاصيل قصتي الملفقة من الأساس لأستطيع الذهاب ، تكلمت كلمات مبهمة معتادة لأهرب من الأجوبة ، صعدت الشقة العلوية و جلست على الكمبيوتر ، جاءت خلفي أمي و لاحقتني بأسئلتها : و انت كنت ف التحرير و لا العباسية  (عملت عبيط ) ظلت تردد من خلفي : امال بت فين ؟ قلت بعفوية تامة : ف التحرير ، ألقمتها حجر أخرستها به ، لم تعقب بغير حرام عليك يابنى اللى بتعمله فينا ده ، تركتني و مضت  ، نمت و استيقظت لأتحين الفرصة  و أخبرهم انى عائد للتحرير مرة أخرى ، ذكرت عارضا اضطراري للذهاب للقاهرة  ، هب في والدى و كلمني بحدة لا أعهدها ، فحتى في أيام اعتقالي 2009 ، خاطبني بانكسار ، لا اظن أمي أخبرته ، لماذا كل هذا ؟ !!
الأيام التي قضيتها بمضيفة الرجال لم أفعل شيء سوى الجلوس و الأكل و النوم ، ربما اتوجه لشراء سجائر او المضي مع مجموعة للجلوس على قهوة و العودة ، اصبحت من ثوار التحرير يوم الاربعاء و غادرتهم السبت صباحا ، لم يحدث أي شيء ذا قيمة ، لم اشارك في المستشفى الميداني ، لم اغضب و اضرب مع الثوار في شارع محمد محمود ، فقط آثار الغاز الباقية في الجو و في محطات المترو هيجت عينيي و أنفى قليلا  ، ذهبت غاضبا و جلست خروفا باقتدار و عدت مكتئبا لأنى تركتهم هنالك ، كنت في حالة من الاكتئاب من الاحد الى الثلاثاء ، ثم حالة الفرح و الخوف حتى وصلت الميدان الاربعاء ،  انتابني الغم من مساء الخميس بعد سماعنا الأخبار ، امضيت الجمعة  ، و السبت صباحا غادرت الميدان لشقة ابن خالي ف الهرم ، سلمت عليه و اعتذرت له لعدم تمكني من رؤيته الأيام الماضية و اتخذت طريقي للمنيا ، عدت ، اين ما انتويت فعله ، اين غضبى ، هل خرجت حقا من الحرملك أم نظرت فقط عبر الخصاص ؟
ربما ذهبت ، ضاع كل غضبى و كل اكتئابي ما ان دخلت الميدان و جلست و نمت ، في اليوم الأول ، كنت الفتى الجديد في الجماعة ،  ارى اغلبهم للمرة الأولى ، و أعرف آخرين من مرات سابقة و عن طريق الفيس بوك ، لي بينهم صديق واحد أكرم وقداتي ، انا صامت بطبعي ، و كلامي هزار غلس او احاديث لا تمت للواقع بصلة ،  كنت راغبا بشدة الذهاب لمحمد محمود ، اعترضوا جميعا"  و انا- كالفتى المؤدب - انصعت و لم اكن لأذهب بمفردي ابدا ، ربما رأيت الرجال المعتصمين من اسبوع ، هل كنت منهم حقا ؟ انا فقط من غادر الميدان و لا يعلم وسيلة للخروج من الحرملك و العودة لهناك ، سأحاول من جديد اختراع حكاية انفذ بها عبر خصاص المشربية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق