لا تسمح حالتي النفسية بتغير أي شيء من طقوسي اليومية المعتادة ، حتى
بعد عودتي من القاهرة ، لا لم اعد من القاهرة ، لقد عدت من التحرير ، قضيت اربعة
ايام بثلاث ليال ، نمت ليلتين بالميدان و قضيت أخرى بمنزل صديق و في اليوم الأخير
سافرت ، عدت لأجد كل شيء كما تركته تماما ،عدت لأدخل الحرملك من جديد ، البعض خلف المشربيات يملك بعض
الشجاعة ليجلس و يشاهد ما بفعله الرجال و الأغلبية تسمع عنهم ثم ينهرونهم على
جلوسهم و ترك دعتهم و انشغالهم بذاك السخف !! دخلت عليهم كما خرجت تماما ، بنفس ملابسي التي
غادرت بها و حقيبة الملابس التي اعدتها لي أمي بنفسها ، لم أقربها ، اخلصت منها
فور الوصول و انطلقت لمبتغاى ، أحمل فقط حقيبة بلاستيكية معتادة أعود بها في كل رحلاتي
للقاهرة لم تعد تثير الانتباه ، سألتني أمي : انت ماغيرتش هدومك خالص ؟ لم أجيب ، سألني
والدى عن زملائي و تفاصيل قصتي الملفقة من الأساس لأستطيع الذهاب ، تكلمت كلمات مبهمة
معتادة لأهرب من الأجوبة ، صعدت الشقة العلوية و جلست على الكمبيوتر ، جاءت خلفي أمي
و لاحقتني بأسئلتها : و انت كنت ف التحرير و لا العباسية (عملت عبيط ) ظلت تردد من خلفي : امال بت فين ؟
قلت بعفوية تامة : ف التحرير ، ألقمتها حجر أخرستها به ، لم تعقب بغير حرام عليك
يابنى اللى بتعمله فينا ده ، تركتني و مضت
، نمت و استيقظت لأتحين الفرصة و أخبرهم
انى عائد للتحرير مرة أخرى ، ذكرت عارضا اضطراري للذهاب للقاهرة ، هب في والدى و كلمني بحدة لا أعهدها ، فحتى في
أيام اعتقالي 2009 ، خاطبني بانكسار ، لا اظن أمي أخبرته ، لماذا كل هذا ؟ !!
الأيام التي قضيتها بمضيفة الرجال لم أفعل شيء سوى الجلوس و الأكل و
النوم ، ربما اتوجه لشراء سجائر او المضي مع مجموعة للجلوس على قهوة و العودة ،
اصبحت من ثوار التحرير يوم الاربعاء و غادرتهم السبت صباحا ، لم يحدث أي شيء ذا
قيمة ، لم اشارك في المستشفى الميداني ، لم اغضب و اضرب مع الثوار في شارع محمد
محمود ، فقط آثار الغاز الباقية في الجو و في محطات المترو هيجت عينيي و أنفى
قليلا ، ذهبت غاضبا و جلست خروفا باقتدار و
عدت مكتئبا لأنى تركتهم هنالك ، كنت في حالة من الاكتئاب من الاحد الى الثلاثاء ، ثم
حالة الفرح و الخوف حتى وصلت الميدان الاربعاء ، انتابني الغم من مساء الخميس بعد سماعنا الأخبار
، امضيت الجمعة ، و السبت صباحا غادرت
الميدان لشقة ابن خالي ف الهرم ، سلمت عليه و اعتذرت له لعدم تمكني من رؤيته
الأيام الماضية و اتخذت طريقي للمنيا ، عدت ، اين ما انتويت فعله ، اين غضبى ، هل
خرجت حقا من الحرملك أم نظرت فقط عبر الخصاص ؟
ربما ذهبت ، ضاع كل غضبى و كل اكتئابي ما ان دخلت الميدان و جلست و
نمت ، في اليوم الأول ، كنت الفتى الجديد في الجماعة ، ارى اغلبهم للمرة الأولى ، و أعرف آخرين من
مرات سابقة و عن طريق الفيس بوك ، لي بينهم صديق واحد أكرم وقداتي ، انا صامت بطبعي
، و كلامي هزار غلس او احاديث لا تمت للواقع بصلة ، كنت راغبا بشدة الذهاب لمحمد محمود ، اعترضوا جميعا"
و انا- كالفتى المؤدب - انصعت و لم اكن
لأذهب بمفردي ابدا ، ربما رأيت الرجال المعتصمين من اسبوع ، هل كنت منهم حقا ؟ انا
فقط من غادر الميدان و لا يعلم وسيلة للخروج من الحرملك و العودة لهناك ، سأحاول
من جديد اختراع حكاية انفذ بها عبر خصاص المشربية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق