مضى مغاضبا " ، اغلق الباب خلفه ، ظن أن
احدا سيلحق به ، فكر ان ينظرخلفه ، لكنه ولى وجهه للأمام و تابع طريقه ، و فى كل
ثانيه يرهف حسه ؛ يترقب جواله ان يهتز، او يسمع له رنين ، قال لنفسه : ( إن هاتقنى
منهم أحد ، فلن أجيب ، أو ربما أتفجر فيه ، فما انا الغفور الرحيم، و إن استطعت فلن
ينال منهم عذابي ، فما عذابي بأليم ) ، يريد أن يمض دون أن يسأله احد عن وجهه أو وداع
حار عند السفر ، يريد الرحيل ، يقول ( أنا بخير مادمتم بخير دعوني لشأني ) ؛ يقول
( لن تنالوا منى ما تريدوا فقلبي مثقل بالغضب ) .
حين أحس بهاتفه يهتز أجفل و أمتقع وجهه ، سمع
صوت الرنين ، انتظر أن يصمت فلم يصمت ، لم يتعرف على الرقم الغريب ، رد على المتصل
، جاءه الصوت الغريب يسأل عنه فى حرج ، تنفس الصعداء ثم ابتسم ، أنهى المكالمه
قائلا : ( نعم ، ان شاء الله ، طبعا طبعا ، سأحفظ الرقم ، نراك على خير ، مسافة
السكة ) .
مسرعا" ذهب . مشي، ركب . وقف، جلس
. نزل . صعد ، هبط . وصل مبكرا، مضى يبحث عن مكان اللقاء ، سأل و عرف حتى أهتدي ،
وجدها، مضي إليها ، اتنبهت لمقدمه من وراءها ، استدارت فرأته .
قالت: (هذا أنت ، لقد أتيت )
، قال لها :( هذه أنت ، وهذا أنا قد أتيت )
صمتت فصمت ، نظر حوله ، قاالت
له : ( جميل انك استطعت الوصول ) ، ابتسم و لم يعقب .
قالت هى مرة أخرى : لم تأت
هنا قبل الآن ، يعجبك المكان ؟
قال : لم أت هنا من قبل .
قالت : ما بك ؟
قال : لا شيء .
- احك لى ، أهناك ما يشغلك ؟
- كلا ، لكنى لا أعرف شيء
يقال .
- قل ، ما يشغلك ،أهناك ما يشغلك ؟
- لا
- ما سرك ؟
-لا أسرار لدى ،ولا شيء يشغل
بالى .
- لا شيء ؟!
- لا شيء .
وهز رأسه .
قالت : ( لا شيء يشغل بالك ،
و ليس عندك ما يقال ، و ستبقى صامتا كأبى الهول ، نعم الرفيق أنت ! )
قال
: ( لا شيء ، لا شيء ، ضرسي يؤلمنى بعض الشيء )
قالت
له : ( عليك بالذهاب لطبيب ) ، قال لها سيذهب و ذهب .
استلزم
ضرسه حقنة بنج ، خدرت شفته السفلى و نصف لسانه : فلا يتكلم بوضوح ويدغم فى الحديث
، ولكى يعود أدراجه مرة أخرى ، مضي لموقف السبارات ، الوقت جاوز منصف الليل ، و هو
الغريب ، وجد سياره نصف ممتلئه و أخرى على وشك الرحيل، ينقصها ثلاث ركاب ، جوار
السائق المكان يتسع لإثنين ، يدخره السائق دائما ، فى الخلف كرسي أرادوا ان يجلسوه
عليه رايعا" على كرسى لثلاثه، قد لا يسعه أو لا يستريح عليه ، فكر : ( الوقت
الليل ، وعصفور فى اليد ، لكن المكان قد
لا يكفينى ، و لعل العربه الأخرى لم تمتلئ بعد ) ، عبس بوجه و تكلم ، فخرج كلامه
بغير وضح ، و كاد أن يمضى ، وجد من يصرخ فى السائق، ( رايح فين يا باشا ، تعال
اركب قدام ) قال له : ( أصلهم ما يعرفوش
حضرتك ) ، تعجب فهو أيضا لا يعرف حضرته
!!!! . ولم يمضوا حتى جاءت فتاة حسناء ، رفيعة أجلسها السائق جواره ،و هى تتكلم فى
هاتفها ، أرهف السمع ليستبين شيء من كلامها و ضحكاتها ، اتشغل بها طول الطريق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق