الأحد، 27 نوفمبر 2011

لما اختلف الحال


   مضى مغاضبا " ، اغلق الباب خلفه ، ظن أن احدا سيلحق به ، فكر ان ينظرخلفه ، لكنه ولى وجهه للأمام و تابع طريقه ، و فى كل ثانيه يرهف حسه ؛ يترقب جواله ان يهتز، او يسمع له رنين ، قال لنفسه : ( إن هاتقنى منهم أحد ، فلن أجيب ، أو ربما أتفجر فيه ، فما انا الغفور الرحيم، و إن استطعت فلن ينال منهم عذابي ، فما عذابي بأليم ) ، يريد أن يمض دون أن يسأله احد عن وجهه أو وداع حار عند السفر ، يريد الرحيل ، يقول ( أنا بخير مادمتم بخير دعوني لشأني ) ؛ يقول ( لن تنالوا منى ما تريدوا فقلبي مثقل بالغضب ) .
 حين أحس بهاتفه يهتز أجفل و أمتقع وجهه ، سمع صوت الرنين ، انتظر أن يصمت فلم يصمت ، لم يتعرف على الرقم الغريب ، رد على المتصل ، جاءه الصوت الغريب يسأل عنه فى حرج ، تنفس الصعداء ثم ابتسم ، أنهى المكالمه قائلا : ( نعم ، ان شاء الله ، طبعا طبعا ، سأحفظ الرقم ، نراك على خير ، مسافة السكة ) .
 مسرعا" ذهب . مشي، ركب . وقف، جلس . نزل . صعد ، هبط . وصل مبكرا، مضى يبحث عن مكان اللقاء ، سأل و عرف حتى أهتدي ، وجدها، مضي إليها ، اتنبهت لمقدمه من وراءها ، استدارت فرأته .
قالت: (هذا أنت ، لقد أتيت ) ، قال لها :( هذه أنت ، وهذا أنا قد أتيت )
صمتت فصمت ، نظر حوله ، قاالت له : ( جميل انك استطعت الوصول ) ، ابتسم و لم يعقب .
قالت هى مرة أخرى : لم تأت هنا قبل  الآن ، يعجبك المكان ؟
قال : لم أت هنا من قبل .
قالت : ما بك ؟
قال : لا شيء .
-  احك لى ، أهناك ما يشغلك ؟
- كلا ، لكنى لا أعرف شيء يقال .
-  قل ، ما يشغلك ،أهناك ما يشغلك ؟
- لا
- ما سرك ؟
-لا أسرار لدى ،ولا شيء يشغل بالى .
- لا شيء ؟!
- لا شيء .  وهز رأسه .
قالت : ( لا شيء يشغل بالك ، و ليس عندك ما يقال ، و ستبقى صامتا كأبى الهول ، نعم الرفيق أنت ! )
قال : ( لا شيء ، لا شيء ، ضرسي يؤلمنى بعض الشيء )
قالت له : ( عليك بالذهاب لطبيب ) ، قال لها سيذهب و ذهب  .
استلزم ضرسه حقنة بنج ، خدرت شفته السفلى و نصف لسانه : فلا يتكلم بوضوح ويدغم فى الحديث ، ولكى يعود أدراجه مرة أخرى ، مضي لموقف السبارات ، الوقت جاوز منصف الليل ، و هو الغريب ، وجد سياره نصف ممتلئه و أخرى على وشك الرحيل، ينقصها ثلاث ركاب ، جوار السائق المكان يتسع لإثنين ، يدخره السائق دائما ، فى الخلف كرسي أرادوا ان يجلسوه عليه رايعا" على كرسى لثلاثه، قد لا يسعه أو لا يستريح عليه ، فكر : ( الوقت الليل ، وعصفور فى اليد  ، لكن المكان قد لا يكفينى ، و لعل العربه الأخرى لم تمتلئ بعد ) ، عبس بوجه و تكلم ، فخرج كلامه بغير وضح ، و كاد أن يمضى ، وجد من يصرخ فى السائق، ( رايح فين يا باشا ، تعال اركب قدام )  قال له : ( أصلهم ما يعرفوش حضرتك )  ، تعجب فهو أيضا لا يعرف حضرته !!!! . ولم يمضوا حتى جاءت فتاة حسناء ، رفيعة أجلسها السائق جواره ،و هى تتكلم فى هاتفها ، أرهف السمع ليستبين شيء من كلامها و ضحكاتها ، اتشغل بها طول الطريق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق