الأحد، 19 أغسطس 2012

ملك .. لا تنامي !!


تلك الصغيرة لا أحتاج أخبرها أني بها معجب.

ملك : أيتها الصغيرة . معك تصدُق كليشيهات  الطفولة البريئة . فات وقت التعارف ، لكن لنبدأ من جديد .. أنا خالك  . ستحكي لكِ أمك يوما – إن لم تكن فعلت – عن وقائع زواجها من أبيكِ، و ستذكرني رغما عنها. و على حسب مزاجها وقتها ، لتظهر لك في صورة الضحية ، أو بطلة الفيلم الرومانسي . هكذا هي أمك ، و كذا جدتك ، يعشقون الميلودراما و التراجيديا و النواح .. اعتادي  على الأمر . ان كانت حكت يا صغيرة ، ماذا قالت ؟!
عجيب مني استنطاقك يا صغيرة ، و أنت بعد لم تتعلمي ميكانيكا الكلام .فقط أرادت الأقدار ان ألعب دورا ، أجني به عليكِ ، أن أكون سببا في وجودك . لنرضى بهذا

  ملك : لا أملك خلاصة الحكمة لأمررها إليك . أو حتى ان أنسج لكِ حكاية ما قبل ما النوم . لكن لسنِّك الصغير و جهلك ، ربما تعجبك هرتلتي ، يمكنني تمويع الكلمات و تحريك يداي، و رسم تعبيرات ساذجة بوجهي : ألعّب حاجباي و أمط بوزي لأكسب ضحكتك .. سأقول كلاما موهما عن النهر القريب من بيتنا و قصر جزيرة المنتصف ، و الأميرة فيه تنتظرني  أنا خالك / الشاطر جمعة .. يمكنني أخذ نصيحتك: كيف أعبر المخاطر لأصل لها ؟! سأعطيك الخيارات : ( تمساح مجنح عليّ تدريبه بموسيقى تشيللو أو بيانو – زرافة عنقها في السحاب ، و خالك يخاف المرتفعات – صقر مرقط تلزمني تعويذة تجعلني في حجم عقلة الإصبع لأمتطيه – فيل صخم لا يبقى و لا يذر، و أخاف أن يهشم قصر الأميرة -  أو يمكنني أن أزرع فوق السطوح عريشة تعبر النهر القريب منا ، كل ما عليّ أن أخسر كيلوجرامات من وزني لتحملني باتزان و لا تنكسر ) .. ملك : بما تشورين عليّ ، أفيض عليّ من قاموس كلماتك الصغيرة ( بس : تنهرني  و تهبر جزء" من وجهي – ماما : تستدعين امك لتخلصك من صحبتي  ) سأصحبك لمن تريدي وقتما تشائي .. لست حمل مسئوليتك . سأحايلك قليلا بعشم في الخروج وشراء ( البو و المم) و ستصدقين ، أناديك: (يا بقرة ) فترددينها بغنة فيها جمال الدنيا ، أطلب بوسة فتوهبيني ثلاثا . تدّعي أمك ان صحبتي لا تعلمك إلا الفساد ، الألفاظ
الخارجة (بقرة) و قلة الأدب ( البوس ) .. و أنا من علّمك الأثنين.. و البقية تأتي .

ملك : خالك يا صغيرة لا يجيد فنون الحياة ، لم تعد لي موهبة مميزة ، صوتي ضائع لازلت أبحث عنه .. لست ذلك الفتى
القديم .. لم أعد اكتب الأشعار و أردد الأبيات .. لم أعد أردد أسماء الكتاب و أستعرض سيرهم و آرائهم.. لم يعد هناك جدوى يا صغيرة ، في النهاية لاشيء : العبث هو الحاكم بأمره . كُرت بكرة الخيط ، و ظهرت كرتونة القلب ، تكفي قطرة ماء أو دمعة لتتداعى .. النهاية: استسلام ، سأصبح فردا ضمن القطيع ،  و ليس على أن أختار أي قطيع سأنتمي إليه .. قبعة التصنيف حملت عني العبء و اختارت من سنين .. قوانينه محددة سلفا ، سألتزم بها ، و بجهد ما – قد لا أبذله – سأخرج معطيات تخصني في هذا العالم الجديد ، أشارك بها من سبقوني على ذلك الدرب .. و بنفس القوانين المتأصلة سلفا سأصل لبرهان أو حل لمعادلتي .. لا يعنيني التفكير فيما فكر فيه غيري من قبل لأصل لنفس النتيجة ، مادامت الآليات واحدة .. كأني أنتهيت يا صغيرتي ، و وزني زاد .. في الظاهر أهتم و دائما لا أعقب و فقط أقول ( خير خير ) .

ملك : ماذا يخيفك مني ؟!  روح غرفتي الجامدة .. منظر الكتب المتراصة في كل مكان ؟! يوما ما يا صغيرة كانت أبسط من ذلك . كانت  تحوي مصحفا و كتبا أقل ، و ملصقات نزعتها جدتك / أمي بغل ، غضبا من الله الذي (أوردنا المهالك) ، أو غضبا من نفسها لأنها لم تلجمني كما ينبغي .. ماذا يخفك مني الآن ؟ّ لحيتي ؟! لمعات شعري الفضية ؟ شكوى أمك و جدتك و جدك مني ؟! أم أنك ورثتي كراهية أبيك لي ؟! ربما تعايرني مثله في المستقبل بأنه هو من أخرجني من السجن ( رد السجون خالك ) ، و ربما وقتها ستحقق نبؤته عني و أصبح فاشلا كما أدعى .. ربما لن تشتري لكِ أمك / أختي فستان أبيض ، تقفين به وصيفة – بعد عام أو عشرة – في فرحي . ربما لن يحدث ذلك كله لكذب النبوءة .. أو ربما لن تكوني وصيفة لأنني وقتها لن أحتاج أميرة .
ملك .. لا تنامي .. هناك آخر يشبهني .. ما داموا لن يشكّوا بأمره، سيحمل عني كل شيء و يقوم بالخطوات نفسها .. في العالم متسع لجمعة آخر .. في العالم بقايا من حنين ..  

ملك هذا النص ليس محاولة لتبرير شيء.. أو وسيلة للتعاطف أو رثاء للذات .. أو ادعاء اني لي حق فيكِ .  لن أدعي حق فيك .و سيبقى هذا الكلام لن يقرأوه/ يهتم به أحد .

الخميس، 16 أغسطس 2012

موقف المصادفة



أوقفنى في المصادفة ، و قال لى : أنت موقوف لى و لست بموقوف لك ، ظنك بغيرى وقوف بأمرى .بدايتك صدفة جَعلتها لك دون خلقي ، و ما الخلق صدفة . لن ينالك من تدبيرك ما تريد إلا بقدر. سعيك هديك فلتُجِده ، وإن عرفت قف و لا تثبت . ضع عنك ما يثقلك حتى استوي لك ، و لن أستوى لك حتى تستوى لي .

قلت : كيف تكون مني و لا نصيب لي فيك ؟! لماذا نفخت في سائر الحيوان من روحك ؟! لماذا مقام الواصل سكون .. و مقام العارف انقطاع .. و مقام العالم منطق بلا رهبة ؟!!

 قال لي :جهلك مُنكشف،فاقصدنى لتعرف و سأعطيك أكثر مما أردت ،اللغة طريق لمخاطبتى فتعلّم .

و قال لي : لست وحدك ، و لست كما تعرفنى . ما فى الطريق مقام وصول . سيمنعك عني عجزك و خوفك ، و ما أخبروك عن المُصاب ، النهّاشات ستصيب منك الجلد و اللحم ، و أنا منك مجرى النخاع في العظم .

و قال لى ستعرفنى حين ترانى و ستخطيء كثيرا قبل معرفتى ، أنا الصفات كلها و لا صفة لى ، و ما بى ضدين ، أنا وراء الأضداد  والأضداد يتحلّقن حولي .

و قال لى : لا تنظر إلى سبل النجاة و لمن نجا و لا تنظر لدربهم فتمشي عليه بدورك ، التابعون مُسلِّمون ، الناجون مختلفون و ما اجتمعوا على درب ، الموجودات سبيل لمن يغشاها ، هى مقصدك للوصول إليّ و ان لم تجدها و نظرت فالنظر وصول و سأجعل لك من لسانى و كلامى و معرفتى ، و قبس من روحى ، رضاى تجلّي لآلائي .

و قال لى : تلفّت حيث ترانى فما أنا بالضيق المحصور ،  خروجك إطمئنان ،  و جهلك عرفان و نسيانك ذنب . فإن انتكست فلا ترجع ، ما العود أوبة و لا رحمة ، مُضيك استغفار ذنبك .

قال لى إن عرفت فألزم ، ما الهدي هدي أولين أو طريق للصالحين ، أنا لمن أرادنى .

و قال لي : انقطاعك سكن ، و السكون من صفاتى . فأجعل من سكونك برهان ، و لا تتحجج بى . السكون درجات ، صفات سكن العارفين موقوف من قبل معارفهم ، سكونهم منهم ، و لكل حظ من نفسه .

قلت : وجودك موجود – لا أكثر و لا أعرفه !!!!!



N B
مستوحى من نصوص المواقف و المخاطبات - محمد بن عبد الجبار النفري 

الثلاثاء، 5 يونيو 2012

و اذكر في الكتاب إبراهيم

الآن اذ تصحو ، تجد عشر صفحات بما يشبه خطك . يسألك زميل عن حالك ، و تتذكر مكالمة تليفونية تحك – بلسان قديم - فيها عن كافكا و رواية القصر ، تتذكر ضحك صاحبك على الموبايل .. الآن يمكنني دعوته صديق !
بالتاكسي ، في عودتك المنهكة ، تشاكل السائق ( شيء جميل يا اسطى انك تشغل قرآن الصبح ) هل ادار محطة القرآن الكريم بدلا من الأغاني ليستيعذ منك ؟! تذكر الله ( ربنا موجود ) .. تجد نفسك فجأة على السرير و تسمع رنين جرس في رأسك فتقوم لتفتح باب الشقة ، تظنه جاء ليطمئن عليك او ليعتذر عن غفلته عنك .. سألته ( هتمشي امتى!! ) .. تتذكر كل شيء.
( انت ما ببتكلمش ليه يا اسطى ) تحكي للسائق عن الحياة في الصعيد ، و يشكو لك غلو الأسعار و طوابير البنزين ، تقتنع : حياة القاهرة أصعب .. يمر بك من على لجنة أمنية و تتظاهر بالنعاس و صاحبك في الخلف يطمئنك ضاحكا ( أنت كويس ) و لم يكمل : و هتفضل كويس !
أبدأ فاصلا في مديح القراءة و الوحدة و فضل الهدوء ، و الشمس تشرق و انتظر ان ينتهي كل شيء لأعرف .. حين أجد نهاية لا تسرني سأبدأ القلق .. دعوني و الخوف الآن !
تراه – و آخر-  طوال الليل يضحكان ، و في المنتصف من ضم يديه بين فخذيه يفقّر كالمعدِدات ، و صديق صامت يسند ذقنه على عكاز: يؤنبك بنظراته ،و رابع ضايقته حين ضغطت زر التفجير حول معصمه .
ترى كل شيء كفيلم ( تذكر كلماتك ) .. قط صغير تختبر به وعيك فتضحك .. ترى اسمك على لوحات السيارات .. و تفكر بسؤال المارين عن حقيقتك : هل ترونني فعلا ، هل انا موجود ؟!
كان كل شيء منطقيا اكثر مما يجب .. تفكر في اجابات الأسئلة قبل طرحها ( اللاوعي يلاعبني قليلا ) ، نعود من حيث بدأنا و اتعجب !! تخرج هواجسك القديمة ( نظريات المؤامرة – أمن الدولة لا يدُخل بالخطأ سوى مرة واحدة – الله الموجود – سورة مريم ستنهي شحن الموبايل – مسودات الأفكار – المحفظة الفارغة – قرحتك – اعوجاج فكك – فقد الأسنان المبكر – مثبطات ضربات القلب :
non-selective beta\alpha blocker و تزيد عليهم دوائك الاومبرازول – طعم المريمية  ) و لم تأت أشياء منسية ( والدي \ أميرة \ سارة \ طب الأسنان كمهنة )
يقولون هذيت كثيرا ، و طلبت أوراقا ، و جلست تقرأ ما تكتب ( مين اللي كنت بتتكلم عنهم \ انت ايه اللي حصلك بالضبط \ بلاش سجاير و لا قهوة معدتك مش هتستحمل ، كل جبنة حاف \ انت مش كده )
لست بهذه القداسة يا رفيق
أنا واحد من هؤلاء .. لن ينتهي العالم عليّ لكن لا يزال عندي بقايا من حنين ... يقول سائق التاكسي ( ياما عدى علينا ، انت مش أول واحد )
اذ تصحو ، تجد في جيبك نقودا و تتذكر و تمتن ، تقطع الصفحات المكتوبة بخطك ، تجهز حقيبة سفرك ، و تغادر

الاثنين، 21 مايو 2012

س


تلقحت قتيلا .. مشوار المنيا علقة ،تعادل عذاب الرجوع للملعونة المخروبة مرة أخرى .. عدت ، نمت و صحيت لزجا بعرقي .. رأيت الكثير منهم اليوم .. و رأيته و لم يسلم علي .. ألم يتزوجها و انتهينا ..لماذا أخاف منه و أهرب؟!!
****************
بالأمس حلمت بأربعة منهم جالسون في غرفتي الأولى بالمدينة الجامعية ( الرابع 24 ) .. أستاذ الإخوانجي القديم يحمل شايا محلى لواحدا منهم ، يستأذن للدخول . أحمل عته الفنجان و أعطيه لمن أريد دون سؤال استاذي .. يرزقني نظرة من خرج على الجماعة .. ينبهني البرادعي ( مدير الجلسة ) ألا اخرج مرة أخرى فدروري للكلام قد حان ، الجلسة مذاعة على الراديو ، تكلم ابو الفتوح و حمدين و رفع لي موسى كأسه و نظرات مرسي في الأرض حياء" .. و جمعة في الركن يبحث عن شنطة سفره الترولي .. لماذا حلقت لحيتي ؟!
****************
عاتبتي أستاذي على ترك العمل معه .. (و ده يرضي ربنا أشتغل اليوم كله بعشرين جنيه ؟؟ ياراجل اتق الله ).. على فكرة انا زعلان منك ، فتحت عيادة ؟ .. و الله و انا مكسوف من حضرتك .. عارف انت عملت ايه .. يا دكتور ما حضرتك كنت عارف انا فين و مع ذلك و الله أنا آسف .. بس انتو كنتو صح ليه مفضتلوش و شيلتو الجنزوري .. ( على اساس اننا قدرنا )
****************
توقفت عن تخزين الارقام بأسماء أصحابها ثم عدت ، ان يرن الموبايل او يهنز فالقادم مصيبة هكذا كنت اظن .. اعدت ان ابتدر محدثي ( هو فيه حاجة ؟! ) .. لأشيل عن كاهلي ضغط الخوف من المجهول .. ارقام قليلة تعرفها عيني دون اسماء .. رقم ابي و رقم  اختي القديم و رقمها .. الآن رقمها الوحيد الغير مسجل على موبايلي .. مع ذلك تلقيت منها رسالة .. ( بكره آخر سكشن بيانو بعد امتحان الصولفيج بلغي زمايلك للي عايز يراجع ) اكيد لا شأن لي بمحتوى الرسالة و لا يخصني من قريب أو بعيد .. رسالة ارسلت بالخطأ .. لكن ذلك يعني ان رقمي لا يزال معها بعد ستة أشهر لم تمسح رقمي .. اعرف انها خزنته على موبايلها باسمها ( سوناتا) ، كنت احفظه مرمزا بحرف س ..
قليلا من النحنة و الوسواس تناسب الحدث .. ربما لم تخطيء و الرسالة بالونة اختبار تنكشني بها .. انا كما انا يا عزيزتي .. نفس الشخص السمج .. احب صوتك و استدارة وجهك وقصر طولك .. انا الذي عشق انفك و كحل عينك و تدويرة طرحتك .. نفس الشخص الذي احب التشيللو و البيانو لأجلك .. كان علينا ان نفترق !!
****************
دائرة مفرغة .. كلمات لامعنى تصنع فكرة .. الفكرة تخلق تدوينة .. اقول لما لا أجعلها قصة و انكص ..حياتي ليست مشاعا .. و اكتب هكذا.

الجمعة، 11 مايو 2012

الجمعة ..صباحا

صباح الجمعة ، حين لا أصحو في السادسة ، و أتنعم بساعات مجانية من النوم حتى موعد الصلاة ، رغم ذلك أنهض بكل تكاسل - و لا ارغب في القيام من الأساس ، يوقظني أبى للصلاة ، ربما لو كنت وحيدا لبقيت متيقظا مستلقى حتى ينهضني تأنيب الضمير ، لأنهض مسرعا ألحق ما تبقى من الخطبة و الركعتين كاملتين ، و لو استغرقت في النوم فعلا سأصلى الجمعة ظهرا أو  أتغاضى عنها ذلك اليوم .
ربما يأتي وقت أكون فيه وحدى ، أعيش فيه بمفردي ، سأفرح بحريتي الجديدة ، سألهو بها و احتفل ، اعود لسابق عهدي ، ادخن على السرير و لا اهتم بإخفاء علبة السجائر و تهوية الغرفة ، اطلب طعاما دليفرى ألتهمه على السرير و ارمى بقاياه في أي مكان ، و اتنعم بلحظات الصمت ، لا صوت ، انا فقط هناك . ستمر علي الايام دقائق و انتبه  :( واه ، يادى المصيبة ، انا وحدى ) من سيعد لي الطعام ، من سيعيد ترتيب كل الفوضى التي احدثتها ؟ ، من سيغسل ملابسي و يكويها ؟ وقتها سأضطر لاسترجاع ذلك العهد القديم : ايام الدراسة ، غربتي المستمرة و ابتعادي الدائم عن البيت ، حينما كنت مسئول - إلى حد ما عن تلك الأشياء ، كنت استدعى البواب ليمسح لي غرفتي أو كنت اتعاون بقدر ما مع زملائي في تلك المهام ، كنت اهرب من شغل المطبخ بغسل المواعين او شراء البقالة و الخضار ، و الغسيل : ارض غروري بنقعه بالماء يومين و اشغل عليه الغسالة ثم انشره ، او ألخص على نفسى و ارسله غسيل و مكواة  ، ادفع الفاتورة و شكرا ، احصل على أكلة و مكان مرتب و ملابس مهندمة ، لكن ( كله كان بحسابه ) ، من سيدفع عنى الحساب حتى يفتح الله على و تستمر فانتازيا حياتي البوهيمية ؟
صباح الجمعة حين استيقظ ، لن أهتم بتلك الأشياء ، سيشغلني شيء آخر حلمت به ، لا اتذكر منه الكثير ، أو لا أتذكر منهما الكثير ، فهما حلمان لا حلم واحد ، اذكر نفسى في المرة الأولى بين صحبة ما على مقهى لا أعرفه ، و هناك من يعرض علي قصة مكتوبه ، و بدلا من قراءتها رأيتها كفيلم قصير مصور ، اذكر انتباهي من نومى و بقايا الصور بمخيلتي : امرأة تبحث بين غرف منزلها و يصادفها في كل غرفة اناس غرباء ، تفتح شباك غرفتها لتجد نفسها في قطار يتحرك و هنالك فيضان من الماء قادم ، تغلق النافذة بسرعة لتجد خلفها أسد و نمر يتصارعان على قوائمهم الخلفية و كل منهما يحاول التهام نفسه و يمنع الآخر من التفوق عليه ، على ما يبدو انتبهت من رعب المشهد الأخير و أذكر ذهابي للتبول و تجرع الماء ، في الحلم الثاني وجدتني أمام مجموعتين متراصتين كأعضاء الكورال على كوبرى قصر النيل و انا أمام المجموعة الأولى ناحية ميدان التحرير و أمامي بعض المعارف و اهتف بأناشيد جميلة و أغاني ضد المجلس العسكري و الفلول و في الجماعة الأخرى أرى كل من أعرف من الفلول ، حتى زميلتي الجديدة التي عرفت انها زوجة ضابط و ابنة لواء شرطة  رأيتها، البرادعي قادم من ناحية الأوبرا ، أهرع اليه لأقبل رأسه و أشكو ضياع مفكرتي و انى رأيت أحد الفلول يقرأ ما فيها  ثم يرمى بها الى قاع النهر ، ثم أمضى مع البرادعي الى منزلي ، مالي أنا و كل هذا ؟!!!!!
صباح الجمعة كان يؤرقني تذكر أحلامي الغريبة و من اين اتت ، لكن أعجبتني القصة و قررت كتابتها كأنها من تأليفي  لتصبح ملكي ، فبطريقة ما قصصي هي الشيء الوحيد الذى أملكه ، فحتى نفسى لأخرين حق بالتدخل و التعقيب عليها ، لكنى أملك كتبي و أملك الشخصيات التي أكتب عنها، أملكها و تتملكني ، تتمرد علي ، تقودني أحيانا لطرق غير متوقعة و لا أعرف جغرافيتها ، تصبح – أحيانا - الكتابة عنهم معضلة ، ببساطة لأن هناك من سيقرأ و يعرف من اين أتوا أو تغلق أمامي الطرقات و أتوه بين الدروب ، أنا أهم قرائي ، لم أعد أكتب لنفسي ، و لا يجدر بي الكتابة عن نفسى ، يمكنني انتحال أفكار ، و اختيار طرق ملتويه للوصول لنص مكتمل ، ما إن اصل لما اريد أنسى كل ذلك و يصبح النص كله ملكي ، ألا يمكنني ذلك ألا توافقني ؟ تظن انها طريقة مبتذلة ، أليس كذلك ؟
اذن اسمحوا لي بكسر كل قواعد الشك و الظن و حتى اليقين ، حاولت الكتابة عما رأيت لكنني نسيت ، سأفترض ان شخصا أخر رأى ما رأيت ،  أعلو بكليتي عن المشهد لأرى من بعيد ماذا سيحدث ، فأنا أكره الضمير الأول ، أكره الأنا الراوية و حكايتها بتفردها و أحكامها المطلقة و استنتاجاتها الخالية من منطق المعرفة الكلية و جهلها المطبق ، أكره الشجن وأكره تقمص صوت الضحية ، أكره من يحكى و يتذكر – لا بد انه يتذكر ، كيف يضارع فعله و يقول ( أذهب .... أجلس ... أفعل ) و هو يقصد ( ذهبت ... جلست ...فعلت ) حيلة لأشاهده ، لا أنا قطعت نصف المسافة ، أتيت لحكايته و قرأتها ، ماذا فعل هو بالمقابل ، يعدني بلذة ما ، قرأت و عرفت وجهة نظره ، أحيانا يطيل الكلام لأراه حتى لا أظن أنه سيصمت ابدا ، حسنا ، شخصا رأى ما رأيت ، هكذا لنبدأ به الحكاية  ,,,,,,,,,,,,,,,,,,   

الجمعة
14 أكتوبر 2011

الجمعة، 27 أبريل 2012

أزيز



تاه قليلا حتى رأى شباكا" مفتوح و حمرة لزجة على الحيطان تدعوه . وقف على حافة النافذة يستكشف .. رأها مفردة بين الجماعات المتحلّقة ، سوداء مثله و ظلها هائش . عرف وجهته فيها ، إن لم يسرع اليها سينالها آخر . عبر الغرفة لصندوق الركن . تجاهل مؤقتا الخضرة العفنة على الطاولة . اهتدى ببياض القمر المجنح و تردد أزيزها العصبي .
جاء من أسفلها ، ضمت جناحيها موافقة . دنت ليرتقي ، لوت شفتها السفلى و تأوهت أن ينتظر ، لم يكسر صوتها صمت .أقبل على ذراعيها من الخلف يشدهما نحوه ، تخاف الاستدارة . صعد بها بعد أن أنتفض . سكنا ،و امتزجا ، و طارا سويا . دعته للمرآه لتلتصق .. انعكاسها لا يبدو كبيرا كربات البيوت .
أضاءت الغرفة بأصفر زجاجي محروق القمة ، وخطت يد بلا جسد . ارتفعت الحشود للضوء ، وبرزت الحمرة من جديد تجذبهم . أزالت اليد عفونة فضلات الطعام من على  الطاولة ،ورمت ببقايا سمكة للقط الناعس ، عافتها نفسه و لعنها بهسيس و زفرة . احتجبت القمرة و انتشر بخ أبيض متكثف ، بشفافية ينتشر قاتل للحشرات الطائرة .
سواد الغرفة خانق ، و شفافية الهواء لا ترى تزيدهم هياجا .. كل من حوله عدوا يريد هشه .. يدور البعض في دوائر متسعة تتقلص حتي يتكور على محوره ويرى عند المرآه أشباههم . يداعب العازب المفردات و يرفضن تعارفه . يُدبر و يضمر النجاة.  يستهدي بسلويت ليخرج مبتعدا . يبحث عن ثغرة .. أي ثغرة قبل ان تعرقله الموجودات. الزوج يلعق رفيقته من أسفله و يغطي مساماتها الهوائية ، .تهمس ببداية  (أل) التعريف و لا تكمل (له).. يستمر من فوقها حتى تهمد بعد ثانيتين . يتركها و يرتفع ، و يستشعر أخرى قريبة.





القصة مستوحاة من لوحة خوان ميرو


الأحد، 25 مارس 2012

الأحلام

(1)
تائه بين قرى مدينتنا ، على الحد الفاصل بين قريتين ، انتظر أى شيء يحملنى ، بيدى كتابان لنصر ابو زيد و آخر لا اتذكره ، تأتى واحدة لا تبدو من أهل القرى ، تعرفنى بنفسها : زميلة جامعية ، تعرفنى و تكن لى حبها ، أسألها من هى ! يظهر خطيب لها من الامكان أقفز فى ميكروباص قادم ، و أنسى كتابيّ

(2)
كما يحدث ف الواقع ، أبى يراقبنى ، يقتحم غرفتى ، يجلس خلفى على السرير ، يمسك أى كتاب يجده يسألنى هل قرأته ؟؟ أو يقلب ف رسائل هاتفى المحمول ، فى الحلم يعرض عليّ سيجارة ندخنها معا نفسا فنفس ، تقتحم أمى الغرفة بدورها تفتش عن علبة السجائر .
أخى الصغير يشارك بدوره ف المسرحية ف مشهد آخر ، أصحبه لندوة و بدلا من ذلك أعاين جسده أتأكد من خلوه من الناسور و من ضيق فتحة شرجه .
أتركه و أتوه من جديد ورائي مقابلة عمل ف معهد الأورام ، و يقولون لى لا نقبل بخريجى المنيا ، أخرج فى صمت و لا جدال ، يعرض على أحمد جمال الذهاب لمكان ما ، أكوام عشش على النيل ، أسأله :إمبابة - الكيت كات يرد منشية الصدر ، يقترح الذهاب لابن طولون و اقترح السلطان حسن و نذهب فى النهاية لمحمد على



(3)
لست وحدى
الآخرون الأقدمون معي ، اجتمعنا في شقة بحوار مستشفى الجامعة يشاركنا فيها استاذتنا . أبحث عن مكان أحتله و أضع فيه شنطة السفر
، كل الأسرة محجوزة
الشقة ليست للسكن فقط بل للدرس و العمل ، أرانى أ×رج و أعود مسرعا مقدما تصريح عودة لأحد المكاتب ، و عميدة كليتنا الحالية بقميص نوم و فوطة تستعجل من فى الحمام ، أنصرف لقاعة الطعام ، أجد نصيبى فى علب بلاستيكية كانت تعطيها لى أمى ، قطع فراخ بانية و كفته ، اتركهم على الطاولة و اذهب لإحضار كانز بيبسي و بار شوكلاتة ، أعود لأجد المشرفة \ المفتشة تسألنى عما معى ؟! العلب مليئة الطعام تحولت لصوانى حلوى ، تخرم المشرفة صنية منها من المنتصف باصبعها الأوسط .
الزملاء يخرجون افلام الأشعة و يتكلمون عن حقن الكورتيوزن، يسألونى عن رأيّ ، أحدثهم عن ارهاصات البدايات وعن محاولات بناء الأفكار ، المحاضر يشرح عبثية حشو عصب الأسنان و ان الوقاية خير من العلاج .
اتذكرها و ابحث عن موقفها فلا أجدها ، اتلفت مرة و مرة ، كما اعتدت ، ابحث عنها ف المصلية .. ف العيادات .. ف الجنينة .. ألمح ظلها ف مكتب قائد الحرس مولية إلى ظهرها ، حجابها الوردى و طاقمها الأسود و جيبتها الشفافة ، تلتفت ، أذهب لمحادثتها ، أنسى أسمها و اقول ديكساميتازون ديكساميثازون

الخميس، 19 يناير 2012

عن الذكرى السنوية


بلا مبالغة ، الأمر لا يتعدى كونه صدفة ، أحداث متفرقة لا تمت لبعضها  بصلة ، حدثت جميعا فى يوم واحد . ربما لو حدثت فى يوم آخر لما اتنبهت لقدرية أو ربما عبث اقترانها بتاريخ واحد .
التاسع عشر من يناير : فيه ولدت ، و فيه (مُسكت) من أمن الدولة ، و فيه استلمت وظيفتى المنتطرة ( طبيب أسنان فى الأرياف ) .
تحكى أمى عن احتفالات عيد ميلادى و حكايتها مدعمة بصور قديمة أبدو فيها طفلا وديعا يحملنى أحد أقاربى و تورتة على سفرة شقتنا القديمة . أحيانا أُخرج كارت قديم متبقى مكتوب ( كما يدعون بماء مذهب ) من سبوعى لأتأكد من تاريخ ميلادى الصحيح ، مع ذلك يرفضون بصدق التاريخ المأفون و تاريخ ميلادى لهم هو المكتوب فى شهادة الميلاد 26/1 .
فى عامى الجامعى الأخير و فى اليوم الموافق للذكرى السنوية الأولى للحادث الأشهر فى تاريخ كليتنا ، احتفل بى رفقاء الشقة ، حفل عيد ميلاد مفاجيء بلوازمه من زينة و جاتوهات و تورته من أشهر محل حلويات فى المنيا ، و بحضور رفيق السجن و رفيق الذكرى .
أحداث اليوم هى ما أذكرها و أحكيها ان سئلت عما حدث لى بأمن الدولة ، باختصار أقول : فى يوم تمامى عامى العشرين و تأنقى على غير العادة للخروج للكلية فقط ل..................  و عودتى للمدينة و نزولى مع معاذ لمطعم المدينة و صدفة اصراره على شراء غذاء آخر من الخارج ،  و تركى له و ذهابى مفردا لشراء فاكهة من أمام مدينة البنات و وقوفى مطولا أمامها و سماعى صوت الفرامل الامريكانى و توهانى عنها و اليد ترزع كتفى تسألنى عن بطاقتى الشخصية و تركى له لألحق زميلى الخارج دون اوراق و بملابس النوم و دفعنا و اغماء أعيننا فى السيارة و الحبس الانفرادى حتى نهاية اليوم و التحقيق حتى الفجر و اصوات الكهرباء و لدغتها و ( الإحترام الزائد ) بسبب و بدون سبب – كل شيء يسبقه ويلحقه كلمة دكتور، ناس طيبين قوى يا خال -  و إزالة الغمامة من على وجهى لأرى معاذ يضحك لى منهكا ( جومعاية انا سعيد انى شفتك ) ، الزنزانة الرطبة و ماء الحنفية الذى لا يتوقف و الحشرات التى ( لا تريع !)، ايام يناير و فبراير الباردة دون غطاء يذكر ، كتب الباثولوجى و الجراحة و الرسائل السرية لأهالينا و هارى بوتر .
ذلك اليوم من تابوهاتى المقدسة ، لن أحكى عنها دون كوميديا ، فما حدث فعلا كوميدى و تراجيديا الأحداث توجعنى .
خرجت مكسورا و تمنيت لو أعانق الشمس لتخرج من عظمى البرد  المترسب حتى الآن ، لو أفرح قليلا و أنسى ان صديقى وحده لأخرج أنا وحدى - معلش يا معاذ انت خدت 6 شهور فى وادى النطرون عشان اطلع بس ماكنش ينفع نطلع احنا الاتنين ، و على رأيك لو فضلنا و قضينا المدة مع بعض كان أحسن ، بس ماكناش هنتنيل نذاكر يا زميلى ، بس انت عارف أنى مليش ذنب من الأول ، بس فعلا كان لازم نفضل مع بعض - ، تمنيت لو لم يفارقنى أصدقائى و يتجنبونى ، لو يصدقنى أهلى ، لو ....................
أعرف أنى خرجت بإيمان و يقين جديد
يكفى كلاما" اليوم